Sunday, March 11, 2012

9 - عن مخ المريض


هل اضطراب القلق الاجتماعي كله في المخ

الدور الاساسي للتفكير في القلق الاجتماعي

القلق الاجتماعي جذوره في التفكير .. فمبدئيا احد أهم مشاكل المريض بالقلق الاجتماعي هو التفكير المفرط في ان الناس يظنون فيه السوء .. و يحكمون عليه سلبيا .. افكار كثيرة سلبية تتولد في عقل المريض بالقلق الاجتماعي .. مثل .. انهم لا يحبوني .. انا شخص غير مرغوب فيه .. انا غريب عنهم .. رغم ان هذه الافكار لا تخرج في كلماتهم .. الا انها معتقداتهم الدفينة .. مثل ان الشمس تشرق من الشرق .. اذا التفكير يلعب دور اساسي و محوري و خطير في القلق الاجتماعي ..

حقيقة علمية هي ان كل ما تفكر فيه يؤثر على ما تشعر به .. و كذلك على تصرفاتك ..

ماذا نعني بالتفكير

التفكير يولد افكار .. و الافكار ليست كالجمل التي نتحدثها .. فالجمل اسمية او فعلية .. الاسمية فيها مبتدأ و خبر .. الفعلية فيها فاعل و فعل و مفعول به .. و كل الجمل لها تصريف و سياق منطقي .. اما الافكار فتتدفق في العقل دون قيود .. دون قواعد لغوية تحجمها او تشكلها .. فقط عندما نحاول ان نعبر عنها تخرج في صيغة جمل .. و بعض من افكارنا قد لا نستطيع ان نعبر عنها ابدا لصعوبة صياغتها و اختيار الفاظ تصفها .. و مع ذلك هي في عقولنا و تؤثر علينا ..

طبيا نسمي هذه الافكار : الادراك .. ما تدركه هو ما في عقلك .. الادراك يحتوي على اشياء عديدة .. مثل .. السلوك .. الافكار و المقترحات .. التوقعات الشخصية .. الذكريات .. الانطباعات .. الصور الذهنية .. المعتقدات .. الافتراضات .. و لكن الادراك فيه أكثر من مستوي .. تحديدا ثلاثة مستويات

أولا: مستوي الانتباه

هو المستوي الخاص بكل ما تلاحظه من حولك .. و ملاحظة الاحاسيس التي تدور بداخلك .. هذا المستوي هو المسئول عما يدخل انتباهك خارجيا او لا يدخل .. فالذي يلاحظ أشكال الناس المرئية أكثر من نمط صوتهم مثلا هو الذي لديه مستوي انتباه بصري ..

و يؤثر القلق الاجتماعي على هذا المستوي .. فينتبه أكثر الي ما يدور بداخله من أعراض القلق الجسمانية .. كضربات القلق المتلاحقة و العرق و الاحساس بالقلق و الخوف من الناس و حكمهم السلبي عليه .. كذلك يختار انتباههم كل ما هو سلبي من حولهم .. فاذا قضي المريض مثلا ساعة مع فرد يمدح فيه و انتقده دقيقة .. تجد انتباه المريض بالقلق الاجتماعي لا اراديا يضخم الدقيقة و يغفل الساعة .. و أحيانا يغرق المريض في انتباهه الداخلي غير مدرك أصلا ما يحدث من حوله .. خاصة عندما يكون في موقف اجتماعي شاق عليه ..

هناك آلية طبيعية عند الحيوانات و الانسان اسمها " هيبر فيجيلانس " و هي تركيز الانتباه على موطن الخطر .. صممت لتركيز الانتباه على مصدر الاخطار عندما نكون في وضع يحتم علينا النجاة من كارثة .. فمثلا اذا وجد أحدنا نفسه في غرفة تحترق .. تعمل هذه الآلية بحدة .. فينتبه كل الانتباه الي مصرد الحريق ليبتعد عنه و يتسني له الهروب الآمن .. القلق الاجتماعي يجعل هذه الآلية نشطة على الدوام .. و المشكلة ان الخطر الذي يركز المريض على النجاة منه هو الموقف الاجتماعي

ثانيا : مستوي الافكار التلقائية

كل ما يحدث من حولنا يجعلنا نفكر .. نحن كائنات نفكر على الدوام .. حتي لو كنا غير منتبهين لما نفكر او للسرعة التي تتلاحق فيها الافكار داخلنا .. ولكننا دوما نستجيب لكل حدث من حولنا صغير او كبير بفكرة بداخلنا .. مهما طال عمرها في عقولنا او قصر و اختفي .. و لكننا نفكر نتيجة لكل شئ يدور حولنا ..

القلق الاجتماعي يؤثر سلبيا على هذا المستوي ايضا .. فكل حدث يدور حول المريض يفسره على انه تهديد شخصي له .. بما يتبع ذلك من خوف و قلق .. و لديهم ما نطلق عليه .. الافكار السلبية التلقائية .. من أهم هذه الافكار التي تدور في رأسهم على الدوام .. أنا غبي .. انهم يعتقدون انني أحمق .. كل الناس يحملقون في .. انا شخص غير مرغوب فيه هنا .. كل ما اقوله لا قيمة له .. انا دائما لا أحسن التصرف ..

ثالثا : مستوي الاعتقادات و الافتراضات الكامنة

هذا المستوي به الافكار التي تؤسس حياتنا و نبني عليها كل ما نفعل .. فالاعتقادات و الافتراضات كثيرة و كامنة و ثابتة .. مثل ان الارض كروية .. و الشمس هي سبب النهار .. و الليل مظلم .. و الماء يروي العطش .. و ما الي ذلك .. عادة .. لا يختبر الانسان معتقداته و افترضاته .. فهو يأخذها مأخذ المسلمات .. و لا يناقشها و لا يهتم ان يضعها في كلمات و جمل .. فهي معلومة معروفة .. تأتي معظم هذا الاعتقادات و الافتراضات من الفطرة او التربية او التعليم المبكر .. اما الاعتقادات و الافتراضات الخاصة بالحياة الاجتماعية فتأتي تراكمية من مصادر عدة .. مثل الاحتكاك المباشر بالناس .. ملاحظة الناس من حولك .. معلومات من الآخرين .. ماذا تعلمت انت .. ماذا تذكر من معاملات اقرب الناس اليك

الاعتقادات بالاخص نعتبرها لون العدسات الني ننظر بها الي الحياة و نفسر بها ما حولنا تلقائيا .. و الافتراضات هي القواعد الكامنة التي نحيا بها بمساعدة اعتقاداتنا .. فمثلا ان كنت تعتقد ان الناس طيبون .. فافتراضك هو ان تعامل الناس بطيبة و سيردون لك الطيبة بطيبة ..

و بالطبع يؤثر القلق الاجتماعي على اعتقادات و افتراضات المريض .. فتشوهها و تفرض افكار سلبية .. و هي عادة اصعب جزء في المرض لأنها الأكثر عمقا ..

أهم اعتقادات لدي مريض القلق الاجتماعي هي .. انا مختلف .. انا غريب .. انا ممل .. انا غبي .. انا غير جذاب .. انا غير محبوب .. لا استطيع التغير .. لا امل لدي .. لا أحد سيجبني .. الناس دائما يحكمون علي سلبيا .. هناك طريقة مثالية للتصرف في المواقف الاجتماعية لا اعرفها و لن أستطيع ان اعرفها

Saturday, March 3, 2012

8 - عن الخجل


قد يكون الخجل اسهل في فهمه من القلق الاجتماعي .. لأنه اكثر شيوعا .. الابحاث أثبتت ان في امريكا عقب استطلاع رأي أن خمسة في المائة من الشباب ينكرون انهم خجولين .. بينما البقية الباقية لم تنكر ..

دائما ما يتبادر سؤال الي الذهن .. هل الخجل نوع من انواع القلق الاجتماعي ام انهما مختلفين .. الحقيقة ان هناك عناصر مشتركة و عتاصر مختلفة .. ولكن الاجابة الحاسمة على هذا السؤال لا يستطيع ان يجزم بها احد .. لا توجد دراسات تثبتت تأكيد او نفي الاجابة .. ولكن اكبر عنصر يستدل عليه من يزعم انهم مختلفين هو ان الخجل ظاهرة قد تحل في مرحلة معينة من العمر ثم تنصرف و كأنها لم تأت .. اما القلق الاجتماعي فمرض مقيم ..

اما عن اعراض الخجل .. فيتكون من حالة انكماش من المواقف الاجتماعية .. و الانسحاب الي النفس .. و عادة هناك نوعان من الخجل .. الاول .. حالة الانكماش عند الاطفال حديثي السن عندما يتعرضون الي اشخاص جدد بخلاف الاب و الام .. هذه حالة تسود اطفال العالم .. لا توجد طريقة لتجنبها بالاضافة الي عدم وجود ضرورة لتجنبها .. فهي ظاهرة على اية حال تنصرف مع الوقت .. اما النوع الثاني .. فهو الذي يمر به الناس و شبيه بالقلق الاجتماعي .. فالخجول ايضا يخشي التقييم و الحكم بالاخرين .. و يكون بطبعه حساس ..

هناك مفاهيم تحتاج الي ايضاح .. كالانطوائية .. فالانطوائي هو الذي اذا خير بين نشاط يستلزم وجود آخرين و نشاط لا يستلزم سواه سيختار الاخير .. الانطوائي يجد متعته في الانشطة التي يمراسها هو وحده مع نفسه .. لا يجد متعة في الانشطة الاجتماعية .. و ليس معني هذا ان الانطوائي خجول او بالضرورة مصاب بالقلق الاجتماعي .. ذلك لأن الخجول او القلق اجتماعيا يقلق و يخشي مواجهة المواقف الاجتماعية اما الانطوائي فلا يخشاها و لا تقلقه و لكنه ببساطة لا يختارها .. و هذا ايضا يعني ان الخجل او القلق الاجتماعي قد يصيب الانطوائي و غير الانطوائي

الآثار الكبري للخجل تتلخص في .. الادراك الزائد للذات .. افكار سلبية بأن من حولك يقيموك .. ايمان بأنك غير محبوب .. التجنب او الانسحاب من المواقف الاجتماعية .. رغبة عالية في الانكماش الذاتي .. رغبة في عدم المشاركة فيما هو عام .. صعوبة في ان تكون مبادر و في التعبير عن نفسك .. الشعور بالقلق و الاحباط و عدم السعادة .. اعراض جسمانية كالعرق و الاحمرار ..

ينصح كثيرا لمصابي الخجل التعبير عن انفسهم بشتي الطرق لتجاوز مشكلتهم .. كما ان المصابين بالخجل دائما ما يتجاهلوا اي حقيقة ايجابية عن انفسهم عن عمد .. و اذا ما سئلوا عن رأيهم في انفسهم .. تجد اجابتهم أسوا من أسوأ رد من الممكن ان يتخيله احد ..