Sunday, January 29, 2012

5 و 6 و 7 : أنماط و مفاهيم و انتشار


5- أنماط القلق الاجتماعي

القلق الاجتماعي قد يكون مرتبط بموقف بعينه لدي المريض او بكل المواقف عموما .. و أحيانا يستطيع المريض ان يتكيف معه .. حتي حد معين .. و عندئذ يظهر و يؤثر بشكل سلبي كبير على حياة المريض .. فمثلا .. من الممكن ان يكون هناك موظفا محتهدا و مريض بالقلق الاجتماعي و لكنه تعود ان يعمل وحيدا و لذلك استطاع ان يتكيف .. حتي يكافأ بترقية تملي عليه مسئوليات اجتماعية معينة ترهبه .. كالاجتماعات مثلا .. عندئذ يرفض المريض الترقية و يظل عالقا في منصبه الصغير و لا يتقدم .. يحدث هذا كثيرا للمرضي العاملين .. عندئذ لا يذوقون في حياتهم الرضا الوظيفي و لا يعرفوا معني ان يستغل المرء قدراته ليتقدم في عمله .. و رغم ان المريض اعتقد انه بذلك أمن من الشر الذي يرهبه الا انه رغم ذلك لا يكون راضيا .. و يظل حبيس الوحدة و العزلة التي لا يختارها .. فالوحدة و العزلة في حد ذاتهم ليسوا مذمومين .. بل ان هناك عباقرة على مستوي العالم و مر التاريخ كانوا يفضلون الوحدة و العزلة .. و لكن هذا حدث باختيارهم الواعي الشخصي .. اما ان ترغم على أمر لا يحلو لك طيلة عمرك فهو أمر شاق .. هذا هو حال مرضي القلق الاجتماعي .. لأنهم على الدوام في حصار .. الخروج منه مستحيل عليهم نظرا لطبيعة مرضهم .. و المكوث فيه مؤلم ..

6- مفاهيم مغلوطة

القلق الاجتماعي يختلف عن حالات أخري قد تتشابه .. هناك مثلا رهاب الأداء العلني .. و هو الخوف الشديد المفرط من القيام بأداء علني أمام جمهرة كبيرة من الناس .. كالخطبة في مسجد كبير او القاء اما جمهور في مسرح او ندوة .. التشابه هو أنه خوف من موقف اجتماعي محدد .. و لكن الفرق أن المريض بالرهاب الاجتماعي يخشي تقييم الناس .. اما حالة رهاب الاداء العلني فهي خشية من تقييم الذات

7- مدي انتشار الرهاب الاجتماعي

الأبحاث الآن تؤكد ان هناك من 3 الي 13% مصابين باضطراب القلق الاجتماعي في اي مجتمع .. و عندما تكون المريضة امرأة .. تتوجه للطبيب النفسي بلا مشقة كبيرة .. أما للأسف اذا كان المريض ذكر .. فان نادرا ما يذهب احدهم الي الطبيب النفسي .. بل يذهبون الي الحانات للسكر ..

Tuesday, January 3, 2012

4- ما بعد التعريف


ماذا تعني عمليا الاصابة بالرهاب الاجتماعي .. لقد سردنا تعريف و أعراض .. فكيف يعيش المصاب باضطراب القلق الاجتماعي واقعيا .. لأن كل ما ذكر لا يعبر بعدل عن المعاناة لدي المريض

يمكن وصف المعاناة و تبعاتها بستة طرق يحيا بهم المريض

اولا : طرق ماكرة و خفية للتجنب

المريض بالرهاب الاجتماعي يعمل على الدوام لتجنب المواقف الاجتماعية التي ترهبه .. سواء كانت بعض المواقف أو كل المواقف .. و جدير بالذكر ان هناك من المرضي من لا يتجنب الموقف بصورة كلية .. و لكنه يحضر الموقف الاجتماعي و لكن يستخدم وسائل ماكرة للتخفي او تجنب أثر الموقف الاجتماعي عليه .. فيجنح المريض مثلا الي عدم دخول مكان مملوء بالناس الا في صحبة أحد و يمتنع عن الدخول منفردا .. أو تجده يتبني كل ما يمت للخدمة بصلة حتي يتسني له أن يروح و يأتي سريعا متعللا بالقيام بأشياء هامة .. و هي بالفعل هامة و لكنه لم يبني هذا السلوك الا للهروب من الاضطرار الي مواجهة الموقف بشدة .. أو تراه يلجأ الي التأجيل في كل الأحداث الاجتماعية التي ترهبه و يعزف عن الاعتراف بعدم قدرته على مواجهتها .. أو تجده يفر من كل من يتعمد أن يقترب منه .. أو يعمد الي عدم الحديث في أمور شخصية اذا ما زج به اضطرارا في حديث ما .. و هناك صنف من المرضي يمتنع تماما عن استخدام يديه عند الكلام خوفا من التحديق فيها و هو أمر يقلقه .. و هناك صنف آخر لا يمارس أي نشاط شخصي طبيعي في العلن أبدا .. كالأكل خراج بيته .. و تكمن المشكلة في أن الامتناع يريح المريض كثيرا و يجنبه ويلات قلقه .. و لكنه ان لم يواجه الموقف الذي يرهبه و لن يكتشف أنه غير خطر اطلاقا كما يفترض

ثانيا : السلوكيات الآمنة

من البديهي الآن الاستنتاج أن العنصر المهدد لمريض الرهاب الاجتماعي هم الناس .. و تتبلور المواقف المرهوبة في الأحداث الاجتماعية و الاختلاط الاجتماعي .. كطرح سؤال مباشر على المريض .. أو تقديم المريض لناس جدد .. أو مجرد الاستفسار عن رأيه في أي موضوع يدور .. و بالتالي يبتكر المريض لا اراديا او اراديا أساليب ليكون بها آمن .. كالنظر الدائم الي الارض .. و ذلك مثلا يقيه من النظر الي أعين الناس مباشرة .. او تجنب ارتداء ملابس ملفتة .. لكي لا يسترعوا أي انتباه ممن حولهم .. أو اذا ما زجوا الي اجتماع في غرفة مليئة بالناس يقوموا فزعين بالانصراف مباشرة بعد انتهاء الاجتماع الرسمي هروبا من اي اختلاط قد يحدث ..

من أهم و أشهر السلوكيات الأمنة التي يتبعها المرضي بالرهاب الاجتماعي .. عمل بروفة على ما يود أن يقول في موقف قبل مجابهته .. و ذلك للتأكد من وجود كلمات مناسبة تلافيا لأي فرصة وقوع في احراج يسبب الي قلق .. كذلك التحدث ببطء شديد أو سرعة شديدة .. اخفاء اليدين أثناء التكلم .. القبض على الأشياء بعنف خوفا أن تفلت و تتسبب في موقف محرج .. و عدم المخاطرة بالقاء دعابة .. و يعمد المريض الي عدم الافصاح عن نفسه بأي شكل منطوق و لا عن أحاسيسه و لا عن أفكاره و آراءه .. كما يدعي دائما الموافقة على كل ما يطرح أمامه من رأي لكي يجنب نفسه مشقة التعبير عن نفسه .. و يفضل أن يتحرك دائما بصحبة شخص يعرفه تمام المعرفة ليأمن أي شرور منه و ليستعين به على مواجهة الناس ممثلا له عنصر الأمان .. أو يفضل ألا يذهب –اذا ما كان لديه الخيار- الا الي الأماكن التي يعرفها فقط لأنها له الأماكن الآمنة .. و عندما يحل ضيفا على مكان .. دائما ما يركز بصره تلقائيا على أقرب مخرج ليفر اليه عندما تسنح الفرصة .. و بالتالي لا ينخرط تماما في أي موقف يحل به ..

ثالثا : المبالغة في التفكير في المشكلة المرهوبة

الخوف من الموقف المرهوب دائما ما يسكن رأس المريض .. دائما ما تدور في مخ المريض .. مجرد التفكير في أي موقف اجتماعي قريب .. يجعل أفكار مخيفة تنهال على خيال المريض .. و بالأخص أفكار ترسم فشل المريض في التعامل مع الموقف الاجتماعي .. دائما ما تتولد أسئلة عديدة في بال المريض .. منها .. ماذا لو لم أجد كلمات مناسبة للتفوه بها .. كيف سينظرون الي .. سأجعل من نفسي اضحوكة لا شك .. الأفضل ألا أذهب .. سوف لن يحترمونني .. و بالتالي .. من الصعوبة و المشقة أن يحيا المريض في الايام التي تسبق اي حدث اجتماعي يكون مدعوا فيه .. الآخرون قد يعيشون في استعدادت جميلة .. و بهجة واعدة .. أما المريض فيتأرجح بين الأفكار المرعبة ..

الأدهي و الأمر أنه بعد أن ينتهي الحدث الاجتماعي المرهوب .. حتي لو مر بسلام تام و بلا اي منغصات .. يظل عقل المريض يفكر و يعيد التفكير في بعض الأحداث و يضخمها و يترجمها الي سلبيات تستحوذ عليه باله و تملأه بالخوف و الذعر .. بحيث يركزون على موقف يعتقدون أنهم أساءوا فيه الصنع .. و ينسجوا في مخيلتهم رأي الناس السلبي فيهم و كيف أن هؤلاء الناس احتقروهم و قللوا من شأنهم بسبب ما اقترفوا .. و تبدأ خيوط النقد الذاتي .. فيهمس المريض لنفسه داخليا .. " أنا عديم الفائدة " .. " أنا أرعن " .. و المؤسف أن معين الاتهامات السلبية التي يوجهها المريض لنفسه لا تنضب أبدا .. و لكن من اللافت للنظر أن كل التخيلات السلبية التي تدور في عقل المريض يبنيها على أساس تفسيراته الخاصة لما حدث في الموقف الاجتماعي و ليس ما حدث بالفعل .. التخمين و البناء عليه يلعب دور كبير في عقل المريض .. هذا بالطبع يحدث لا اراديا .. و لكنه سيكون احدي محاور الخروج من هذه الأزمة عندما نصل الي الجزء الخاص بكيفية تجاوز هذا المرض

رابعا : تقدير الذات ، الثقة بالنفس و الشعور بالدنو

اضطراب القلق الاجتماعي يجعل المريض يقتنع بأنه مختلف عن الآخرين .. سلبيا .. بأنه أقل منهم .. و غريب .. و بذلك تؤثر على تقديرهم لذاتهم .. ( و المقصود بتقدير الذات هي القيمة التي يمنحها المرء بنفسه لنفسه ) .. و كذلك تؤثر على ثقتهم بأنفسهم .. ( و المقصود بالثقة بالنفس هو الايمان بقدرة المرء على فعل الأشياء ) .. يقتنع المريض بأن من حوله سيتجاهلونه عن عمد .. و سيرفضونه .. و يفسرون كل ما يوجه اليهم من قول أو فعل أنها علامات سيئة تؤيد وجهة نظرهم في أنفسهم .. لذلك يعيش هؤلاء المرضي في حياة مؤسفة تجعلهم يرون الحياة كمحطات يتفادون الوقوع فيها .. فيظلون على الدوام على أهبة الاستعداد للهروب مما يهددهم .. و هي حياة مقلقة ..تجبرهم على دفن ذواتهم الحقيقية في مقابل حماية أنفسهم من الأخطار التي يرونها تتجهمهم ..

خامسا : الفوضي ، الكآبة ، الاحباط و الاستياء

لأن هذا المرض و هذا الخوف و ما يتلوه من دفن للذات تحسبا للمخاطر .. لأن كل هذا دائم .. فينحدر المريض الي حياة سوداوية .. مليئة بالاحباطات و فقدان الرغبة

سادسا : التأثير على الأداء

في حالات الاضطراب الشديدة أي في درجات الرهاب الاجتماعي العالية .. المشكلة القصوي .. أن هذا المرض يتدخل في حياة المريض بصورة كبيرة و عظيمة و ملموسة .. و حتي في أبسط محاولات المريض لتحقيق أيا مما يرغب فيه .. و يمنعهم منعا باتا من التعامل مع الحياة بما هم جديرون به .. لأنها تزعزع من قدرتهم و تحطمها .. و تحرمهم من تحقيق أحلامهم المشروعة المتاحة .. و تسلبهم متعة بذل أقصي ما عندهم .. و للأسف على المدي الطويل للحالات التي لا تسعي للعلاج .. قد تؤثر سلبيا على حياتهم العملية و الشخصية و على مستوي صداقتهم و عملهم و حتي أنشتطهم الترفيهية